كنت أتصفح تويتر صباحًا عندما وقعت عيناي على أبيات شعرية أثارت في نفسي حماسًا للعمل وطاقةً لم أعلم بوجودها داخلي في تلك اللحظة. اخترت أن أصرف هذه الطاقة الثمينة في التأمل والكتابة عن هذا الحدث، وبصورة أعمّ: عن تحرِّك نفسي وتفاعلِها مع المؤثرات الخارجية.

أؤمن أن فهم “ديناميكية” تفاعلنا مع الأحداث من حولنا يساعدنا على فهم ذواتنا، مثلما يُساعد تحليلُ الظواهر الطبيعية الفيزيائيَّ على فهم العالم. ولا يخفى على أحدٍ أهمية فهم الذات. فبعض النتائج الملموسة لهذا: القدرة على تربية النفس وترويضها والتحكم بها ودفعها في الاتجاه الذي نريد. وأحد العقبات التي تواجهنا في فهم ذاتنا هي الأكاذيب التي نخبر أنفسنا بها، والأوهام التي تلوث أفكارنا. ويمكن كشف هذه الأكاذيب من خلال التأمل (والكتابة؟) فيما يمر بنا ونمر به، وإليكم هذه التدوينة مثالًا.

لنعد الآن إلى تلك الأبيات. أَجد أنني في غالب الأوقات لا أحسن توظيف المشاعر الإيجابية التي يثيرها فيني نص بديع أو مقطع جميل. بل في أحيان كثيرة، أحاول عدم الانخراط أو الكبت بحجة عدم الانخداع بمشاعر زائفة. وهذا التصرف، الخاطئ كما أظن الآن، سببه هو الشعور بالانزعاج من عدم قدرتي على التحكم بهذه الانفعالات. ولسان حالي يقول: إذا كنتُ غير قادر على التحكم في انفعالات نفسي، فمن باب أولى ألا أسمح لأحد في أن “يتلاعب” فيّ. ولكني أعي الآن، بعد أن وضعت هذه الفكرة موضعَ محاكمة أنني مخطئ في موقفي هذا. وأنني بكبتي لهذه المشاعر ورفضي التفاعل معها أشوّه الواقع: وهو أنّي إنسان يتفاعل مع محيطه، ولا أستطيع إنكار هذه الطبيعة.. وأنني بتصرفي هذا كمن يحاول الدفاع عن موضوع ما (مثل وطنه أو دينه) بتكذيب كل نقد موجه له بدل أن ينظر لهذا النقد نظرةً موضوعية.

ختامًا أقول: اللهم ارزقنا الصدق مع النفس، والقدرة على رؤية أنفسنا كما هي بلا زيادة أو نقص.