خاطرة - العاشر من يوليو
أذكر مرة كنت جالس مع دكتور في جامعتنا. كنا نناقش ورقة بحثية لي أسبوعين أقرأها، ومستغرق في تفاصيلها.. يعني تقريبا لو سألتني في أي جزئية فيها أقدر أصف وش هي، وش موقعها من الورقة، وأعرف الرياضيات اللي وراها… بس كان كل هذا مبعثر.. يعني لو أجلس أسبوع زيادة راح أنسى كل هالكلام. المهم، أخذ الدكتور مني النسخة المطبوعة، وأول ما شاف كان قسم المصادر، الشيء اللي شد انتباهي وفاتني أسأله ليش، بس مو هذا موضوعنا.. بعدها قعد يتصفح الورقة دقيقتين، وعطاني وصف عالي المستوى للي الورقة قاعدة تقوله.. فجأة كل التفاصيل اللي ببالي صار لها معنى.. وبدأت تتبلور فكرة البحث في عقلي. اللي صار إنه كان فيه مستويين للفهم، مستوى فهمي، ومستوى فهم الدكتور. مستوى فهم الدكتور يصل إلى “المعنى” (هذي تدوينة جاية بالطريق، بس باقي ما بعد تبلورت :P)، بينما فهمي كان مقتصر على المبنى والشكل والميكانيكية.
الصراحة إن الموقف هذا كان له هيبته وأثر فيني كثيرا، قبلها ما كنت أعي وجود هذا المستوى من الفهم، يمكن أسمع عنه بس ولا أدري وش هو، بس من هذاك اليوم، صار عندي هدف جديد أو مستوى جديد من الفهم أتطلع له.
P.S.: طبعا يتضح ما إذا كان الوصف عالي المستوى ناتج عن فهم عميق أو عن عدم فهم للتفاصيل، وللعين غير المدربة قد يتشابه هذان الوصفان.