أقرأ كثيرا أن القصة أفضل “طُعم” (hook) لشد انتباه القراء.. والحقيقة إني ماكنت لألجأ إلى هذه الأساليب الرخيصة إلا لو كان الموضوع مهم وقريب إلى قلبي.. وهو فعلا كذلك. فإليكم:

في أحد السمسترات أخذت مادة كان المطلوب لتحقيق A فيها إني آخذ 93٪. فتحت الـsyllabus وشفت توزيع الدرجات، وجدول الواجبات.. وقعدت أخطط كيف أجيب 93٪ بالضبط علشان أضع أقل مجهود ممكن علشان أجيب A. وبالفعل كان فيه واجبين ماسلمتهم ولا حاولت أسويهم، والـmidterms ذاكرت لها على خفيف بما يضمن لي إني ما أنزل عن 90 فيها.. الخ.. على نهاية السمستر حسيت إني جبت العيد، لأن ما بقى إلا الـfinal وعليه وزن كبير فلو ما أديت زين فيه ماراح أجيب حتى A-، لكن اتضح أن هالخوف غير مبرر وخلص السمستر وجبت 93٪ بالضبط.. وكان فرحي وقتها لا يصدق. حسيت أني مكار وأني لقيت hack للعالم.. فرحي بنجاح تخطيطي كان أكثر من فرحي بالـA وقتها.

الشاهد هو إني أحب التخطيط وأحسه أسلوب ذكي يوفر الكثير من الجهد. يوجد مفهوم أعم وأشمل للتخطيط أحاول أتبناه كأسلوب حياة وهو الموضوع الأساسي لهذه التدوينة. هالمفهوم لنسمّه the deliberate life.. وما أدري وشلون أترجم هالعبارة، لكن خنقول: الحياة عن عمد.

وزبدة القول في هذا أن الحياة عن عمد هي حياة لاتكون فيها ردات الأفعال السمة الأساسية لمعظم قراراتنا. أقصد بهذا أن الحاجة إلى الفلوس أو الأكل أو الشهوات ماتكون هي مايقود معظم أفعالنا. فيذهب ثلث يومنا لوظيفة ما أتت من قناعة (عن عمد)، وثلث يذهب مابين ما يملي عليه بطنك وأصدقائك والتزاماتك، والثلث الأخير يذهب في تلبية حاجة بدنك. وأنت؟ لا يُفهم كلامي غلط.. حتما هناك أمور يجب أن نعملها، وهي من مسؤولياتنا وواجباتنا، حتى لو كانت عن غير رغبة. ما أقصده هو أن لا يكون كل أفعالنا من هذا النوع. كتبت سلسلة تغريدات عن هذا الموضوع كانت بذرة لهذه الفكرة وأتوقع توضح مقصدي أكثر.

إذا كانت الحياة عن عمد ليست ردات أفعال، ماذا تكون هذه الحياة إذا؟ هي حياة يغلب على أعمالها كونها نابعة من إرادة حرة ورغبة صادقة. وأعتقد أن أول خطوات عيش حياة مثل هذه هو الوعي بإرادتنا.. أن نعرف ماذا نريد.

ولكي نعرف ماذا نريد نحتاج تصور واضح عن أنفسنا وعن العالم. وأعتقد أن دور المعرفة والفكر يكمن هنا.. في توضيح هذه الصورة. شخصيا، وجدت أن أي قراءة لاتصب في توضيح هذه الصورة هي ردة فعل لشهوة المعرفة (أو لشهوة مواكبة الموضة) وإيمانا بمبدأ الحياة عن عمد أحاول ترك (أو على الأقل استيضاح دوافعي تجاهه قبل تركه) قراءات كهذه، وبشكل أعم أي فعل لا أعرف لماذا أفعله.

فائدة الحياة عن عمد، مثل التخطيط، هي أنها توفر جهدا. فبدل أن تتخبط حتى تصل إلى ماتريد، ثم تعي أن هذا ماتريده.. خطط واعرف ماذا تريد ثم اسلك أسهل الطرق إليه.

ختاما، هذا المفهوم هو محاولة شخصية لوضع narrative لحياتي وترتيب الأوراق ومحاولة لرسم الصورة للي تكلمت عنها من قبل(الكتابة كالقراءة تساعدنا على معرفة أنفسنا والعالم). حتما سأعيد مراجعة هالمفهوم مرات عديدة حتى تتضح لي الصورة أكثر.